لامين يامال.. الفتى الذي يطرق أبواب المجد ويهز عرش الأسطورتين

في سن السابعة عشرة، يقف لامين يامال على مشارف مجد استثنائي، فبينما تترقب الجماهير لقاءات قادمة قد تُعيد رسم خريطة كرة القدم، يواصل الفتى الإسباني تحطيم التوقعات، ويخطف الأنظار بموهبة نادرة وحضور استثنائي داخل المستطيل الأخضر.
في الأيام القليلة المقبلة، سيتقدم يامال نحو واحدة من أبرز محطات مسيرته القصيرة، عندما يقود منتخب إسبانيا في مواجهة مرتقبة ضد البرتغال بقيادة كريستيانو رونالدو، ضمن نهائي دوري الأمم الأوروبية، ثم يعود بعد أشهر ليواجه ليونيل ميسي في نهائي الفيناليسيميا، حيث تتقاطع خطوط النهاية لبداية جيلٍ جديد بخطوط المجد لأسطورتين شكلتا العصر الذهبي للعبة.
مشوار بدأ من الحلم وتحول إلى واقع
نشأ لامين يامال في شوارع برشلونة، مدينة تعشق الكرة حتى الثمالة، حيث تحول عشق الطفولة لليونيل ميسي إلى دافع للتألق، وتجاوز دور المتفرج إلى لاعب يصنع الفارق، بعدما سجل حضوره اللافت هذا الموسم بقيادة برشلونة نحو ثلاثية محلية، ووضع بصمته الدولية بهدف حاسم أمام فرنسا في نصف نهائي يورو 2024، ثم عاد ليقسو على نفس الخصم بثنائية قاتلة في نصف نهائي دوري الأمم، قبل أيام قليلة من بلوغه عامه الثامن عشر.
التسلسل المتصاعد لمستوى يامال لا يعكس فقط تطورًا تقنيًا، بل يثبت أن هذا اللاعب يمثل قلب جيلٍ جديد، يتطلع لكتابة التاريخ بدلًا من مجرد قراءته.
في مواجهة كريستيانو.. أول اختبار للزعامة
يستعد يامال مساء الأحد، الثامن من يونيو/حزيران 2025، لخوض اختبارٍ مفصلي عندما يواجه كريستيانو رونالدو في نهائي دوري الأمم الأوروبية، حيث يلتقي شاب في بداية مسيرته بأسطورة تُودع الملاعب، في مشهدٍ يختصر عبور الزمن داخل مباراة.
رونالدو، البالغ من العمر أربعين عامًا، لا يزال نموذجًا للإصرار، بينما يامال يُجسد الحماسة الصاعدة، وقد أوصل رسالة قوية عندما احتفل بعد هدفيه في نصف النهائي مقلدًا احتفالية رونالدو الشهيرة، ما فُسّر كتحية ممزوجة بالتحدي، تبعتها جملة لافتة قالها بابتسامة واثقة: “كريستيانو أسطورة، لكنني أتيت لأنتصر”.
تلك المباراة لا تعني فقط اللقب، بل تختزل معركة رمزية بين المجد القديم والطموح الجديد، وقد تُمهّد لطي صفحة استمرت عقدين في سجل كرة القدم.
ميسي.. المعركة الأعمق والأكثر عاطفية
لن تتوقف التحديات عند مواجهة البرتغال، إذ ينتظر يامال اختبارًا أكثر خصوصية في نهائي الفيناليسيميا أمام ليونيل ميسي، في مواجهة تحمل طابعًا وجدانيًا، بين لاعب تربّى على أسطورة ميسي، ويواجهه الآن خصمًا في لحظة قد تُترجم نهاية جيلٍ وبداية آخر.
من المقرر أن تُقام المباراة في مارس 2026، دون تحديد نهائي حتى اللحظة، لكنها تبدو مؤهلة لتكون مناسبة فارقة، حيث يلتقي بطل أوروبا مع بطل كوبا أمريكا، وتُختبر قدرات يامال أمام من كان في يومٍ ما مرجعه الكروي الأول.
وقال يامال سابقًا: “نشأت على رؤية ميسي يصنع المعجزات في برشلونة، اللعب ضده لحظة لا تُصدق”، وعبارته تختصر حجم الحلم الذي أصبح واقعًا، في مواجهة لا تحسم بطولة فقط، بل تجسد انتقال الشعلة بين جيلين.
ملك جديد
مع اقتراب إعلان الفائز بالكرة الذهبية في سبتمبر/أيلول 2025، تزداد التكهنات حول قدرة يامال على دخول السباق بقوة، بعد الأداء المذهل الذي يقدمه، لا سيما إذا نجح في حسم النهائيين المقبلين، مما يمنحه أسبقية واضحة في مواجهة منافسين من العيار الثقيل مثل مبابي، ديمبلي، ورافينيا.
لامين لا يُراهن على الأرقام فقط، بل يُلفت الأنظار بجودة قراراته، وجرأته في الملعب، وثقته التي تتجاوز سنوات عمره.
قصة يامال تتجاوز إطار موهبة لافتة، فهو يُجسد تحولًا جيليًا، حيث يلعب اليوم أمام من كانوا مصدر إلهامه بالأمس، ويتقدم بثبات نحو زعامة كروية قد تغير وجه اللعبة في السنوات المقبلة.
النهائيان المنتظران لا يُمثّلان مجرّد لقاءات لحسم بطولات، بل يُمكن أن يكونا الفصل الأول في عهد جديد، حيث يُطوى سجل الهيمنة التي كتبها ميسي ورونالدو لعقدين، وتُفتح صفحة نجم يسعى لترك بصمته الخاصة.
لامين يامال لا ينتظر، بل يركض نحو المجد، وكأن الزمن اختار لحظته ليبدأ كتابة تاريخٍ جديد.